يستخدم الله كلماته ليدين الإنسان ويطهّره خلال عمله في الأيام الأخيرة. لا يستطيع أن يتبع خطواته سوى أولئك الذين يصغون بعناية إلى كلماته وصوته.

الأحد، 30 سبتمبر 2018

فقط محبة الله تُعد حقاً إيماناً به

فقط محبة الله تُعد حقاً إيماناً به
يقول الله القدير:اليوم، يجب عليكم وأنتم تسعون اليوم لمحبة الله ومعرفته أن تتحمَّلوا المشقّة والتنقية، ومن ناحية أخرى، عليكم أن تدفعوا ثمناً. ليس هناك من درسٍ أكثر عمقاً من درس محبة الله إذْ يمكن القول أن الدرس الذي يتعلمه الناس من حياة الإيمان هو كيفية محبة الله. وهذا يعني أنك إذا كنت مؤمناً بالله فعليك أن تحبه. أما إذا كنت مؤمناً بالله فقط دون أن تحبه فلن تكون قد أدركت معرفته، ولم تحبه قط محبة حقيقية من صميم قلبك، ويكون إيمانك به عقيماً.
إن كنت لا تحب الله وأنت مؤمنٌ به فأنت تعيش عبثاً، وحياتك بمجملها هي الأكثر وضاعةً بين جميع المخلوقات. إذا كنت لم تحب الله أو ترضيه طوال حياتك كلها فما الهدف من حياتك إذاً؟ وما جدوى إيمانك به؟ أليست هذه مضيعة للجهد؟ خلاصة القول، إذا كان على الناس أن يؤمنوا ويحبوا الله فعليهم أن يدفعوا ثمناً. عليهم أن يبحثوا في أعماق قلوبهم عن بصيرة حقيقية بدلَ محاولة التصرف بطريقة معينة خارجياً. إذا كنت متحمّساً للترنيم والرقص ولكنك عاجز عن ممارسة الحقيقة، فهل يمكن أن يُقال عنك أنك تحب الله؟ إن محبة الله تتطلب السّعي وراء تحقيق إرادته في كل شيء، والتدقيقَ في أعماقك عند حدوث أيّ أمرٍ محاولاً تمييز إرادته في ذلك الأمر، وما يبتغي منك تحقيقه، وكيفية تمييزك لمشيئته. على سبيل المثال: إذا حدث معك أمرٌ تطلب منك تحمُّل مشقّة معينة، عليك أن تفهم حينها ما هي إرادة الله وكيفية تمييزها. عليك عدم إرضاء نفسك: أولاً تنحى جانباً، فليس هناك ما هو أكثر وضاعة من الجسد، فعليك أن تقوم بواجبك وتسعى لإرضاء الله. إن فكّرت على هذا النحو سيهبك الله استنارةً خاصة في هذه المسألة، وسيجد قلبك أيضاً الراحة. سواء ما حدث معك أكان كبيراً أم صغيراً، عليك أن تتنحَّى جانباً أولاً وتنظر إلى الجسدَ على أنه أكثر الأشياء وضاعةً. فكلما أرضيت الجسدَ، سلب حريتك أكثر. إذا أرضيته هذه المرة فسيطلب منك المزيد في المرة القادمة، وباستمرار هذا الأمر ستقع في محبة الجسد أكثر. إن للجسد دائماً رغبات عارمة يطلب منك إشباعها وتلبيتها من الداخل، سواء أكانت في ما تأكله أو ترتديه أو فيما يُغضِبك، أو في الإذعان لضعفك وتكاسلك.... وكلما أشبعتَ الجسد ازدادت رغباته وأصبح أكثر فساداً، إلى أن نصل إلى مرحلة تضمرُ فيها أجسادُ الناس مفاهيمَ أعمق وتعصي الله معظّمةً نفسها ومشككةً في عمله. كلما أشبعت الجسد عظمت مواطن ضعفه. ستشعر دائماً أنْ لا أحد يتعاطف مع مواطن ضعفك، وستظن دائماً أن الله قد نأى عنك بعيداً، وستقول: كيف يمكن لله أن يكون قاسياً جداً؟ لماذا لا يُريح الناس؟ عندما يتساهل الناسُ مع الجسد ويتعلّقون به كثيراً يضيّعون أنفسهم. إذا كنت تحب الله حقاً ولا تشبع الجسد، فسترى حينها أن كل ما يفعله الله هو حقٌّ وحسنٌ جداً، وأن لعنه لعصيانك وإدانته لإثمك أمرٌ مُبَرَّر. ستأتي أوقاتٌ يهذّبك فيها الله ويؤدّبك، ويضعك في وسطٍ لتلينَ فتأتي أمامه مُرغَماً، وستشعرُ دائماً أن ما يفعله أمرٌ رائع. وهكذا ستشعر كما لو أنه ليس هناك الكثير من الألم، وأن الله جميلٌ جداً. إذا كنت تنصاع لمواطن ضعف الجسد وقلت أن الله يبالغُ كثيراً، فستبقى تشعرُ بالألم والاكتئاب دائماً، وستكون غير واثقٍ بكل عمل الله. وسيبدو كما لو أن الله لا يدرك ضيقات الإنسان ولا يكترث لضعفه على الإطلاق. وهكذا ستشعر بالتعاسة وبأنك وحيد كما لو كنت قد عانيت ظلماً كبيراً، وحينها ستبدأ بالتذمّر. كلما انصعتَ لمواطن ضعف الجسد بهذه الطريقة، شعرت أن الله يبالغ كثيراً، حتى يصبح الأمر سيئاً للغاية فتبدأ بإنكار عمل الله وبمقاومة الله نفسه، وتمتلئ بالعصيان. هكذا عليك أن تتمرّد ضد الجسد ولا تخضع له. لا تولِي أية أهمية لزوجِكِ، ولا تأبه لزوجَتِكَ ولأولادك وتطلّعاتك وزواجك وعائلتك! عليك تسوية هذا الأمر: "لا يوجد في قلبي سوى الله، ويجب أن أبذل قصارى جهدي لأرضيه هو لا الجسد". إذا تحلّيتَ بهذه العزيمة دائماً، ووضعتَ الحقيقة قيد التنفيذ وتنحّيتَ جانباً فستكون قادراً على القيام بذلك بقليل من الجهد لا أكثر. يقال إن مزارعاً رأى يوماً ثعباناً على الطريق متجمّداً دون حراك. حمله المزارع لصدره، وعندما دبّت الحياة فيه لسعه الثعبانُ فمات. يشبه جسدُ الإنسان الثعبانَ: طبيعته هي في إيذاء البشر وعندما يحصل على ما يريد تكون قد ضيّعت حياتك. الجسد مُلكُ الشيطان ومرتَعُ الرغبات الجامحة. لا يُفكرُ إلا بنفسه ويريد أن يتمتّع بالراحة وأن يُسعَد مترفّهاً متمادياً في الكسل والتراخي. وإن قمت بإرضائه إلى حدٍّ معيّن فسيستهلكك حتماً في النهاية. أي إذا أرضيته هذه المرّة فسيعاود طلب المزيد في المرّة القادمة. لدى الجسد دائماً رغبات جامحة ومتطلبات جديدة، ويستغل تهاونك معه لتُسعِدَه أكثر فتعيش في راحته. وإذا لم تتغلب عليه فستخسر نفسك في النهاية. إن نوال الحياة أمام الله ومعرفة ما ستؤول إليه نهاية حياتك يعتمد على كيفية تمرّدك ضدّ الجسد. لقد خلّصك الله وسبق أن اختارك ولكن إن كنت اليوم غير راغبٍ في إرضائه، فأنت لا تريد أن تمارس الحقيقة، ولا تريد التمرّد على جسدك بقلب يحب الله حقاً، وفي النهاية ستدمّر نفسك وتعاني ألماً شديداً. إذا كنت تتساهل دائماً مع الجسد فسيلتهمك الشيطان من الداخل تدريجياً، ويتركك بلا حياة وبدون لمسة الروح، حتى يأتي اليوم الذي تصبح فيه مظلماً من الداخل بشكل كامل. حينما تحيا في الظلمة ستكون قد سقطت أسيراً في يد الشيطان ولن تدرك الله بعد، وحينها ستنكر وجوده وتتركه. هكذا، إذا كنت ترغب في أن تحب الله يجب فعليك أن تدفع ثمن الألم وأن تتحمّل المشقّة. لا داعٍ للتوتّر والمشقّة الخارجية ولا للاضطلاع أو الانشغال أكثر، عليك بدلاً من ذلك أن تُنحّي أمورك الداخلية جانباً: أي الأفكار المتهوّرة والاهتمامات الشخصية واعتباراتك الخاصة ومفاهيمك ودوافعك. هكذا تكون إرادة الله.

إنّ تعامل الله مع تصرّفات الناس الخارجية هو أيضاً جزء من عمله، كالتعامل على سبيل المثال مع البشرية المنحرفة، أو نمط حياة البشر وعاداتهم، ومسالكهم وأعرافهم، إلى جانب ممارساتهم الخارجية وانفعالاتهم. ولكن عندما يطلب الله من الناس أن يمارسوا الحقيقة ويغيّروا تصرّفاتهم، فهو يعالج في المقام الأول الدوافع والمفاهيم التي يؤمنون بها. التعامل فقط مع تصرّفاتك الخارجية ليس بالأمر الصعب، كأن يُطلبَ منك ألا تأكل ما تحبّه، فهذا أمرٌ سهل. غير أن ما يمسّ مفاهيمك الداخلية ليس من السّهل تركه: فهو يتطلب التمرّد على الجسد، ودفعَ ثمنٍ، والتألّمَ أمام الله. هذا هو الحال مع دوافع الناس. أظهر الناس الكثير من الدوافع الخاطئة من وقت إيمانهم بالله حتى يومنا هذا. عندما لا تمارس الحقيقة تشعر أن جميع دوافعك صحيحة، ولكن عندما يحدث شيء ما لك ستكتشف أن هناك العديد من الدوافع غير الصحيحة في داخلك. هكذا عندما يُكَمِّلُ اللهُ الناسَ يجعلهم يدركون أن هناك كثيراً من المفاهيم في داخلهم تَحولُ دون معرفتهم به. ما سوف يثبت تمرّدك على الجسد هو إدراكك لدوافعك الخاطئة، وقدرتك على عدم العمل بموجب مفاهيمك ودوافعك، وقدرتك على تقديم شهادةٍ لله والثبات على موقفك في كل ما يحدث لك. عندما تتمرّد على الجسد سيُشَنُّ حتماً صراعٌ في داخلك. سيحاول الشيطان أن يجعلك تتبعه وأن تتبع مفاهيم الجسد مُعلياً من شأنه، لكن كلمات الله ستنيرك من الداخل. وحينها عليك أن تختار فيما إذا كنت تريد أن تتبع الله أم الشيطان. يطلب اللهُ من الناسِ ممارسة الحقيقة ليتعامل في المقام الأول مع أمورهم الداخلية، مع أفكارهم ومفاهيمهم التي ليست وفق مراده. يلمس الروح القدس الناس من الداخل ويُكمِلُ عمله فيهم، وهكذا يوجدُ صراعٌ وراء كل ما يحدث: ففي كل مرّة يمارس فيها الناس الحقيقة أو محبّة الله يحدث صراعٌ عظيم. وعلى الرغم من أن أجسادهم تبدوا على ما يرام، إلا أن صراع الموت والحياة في الواقع سيستمرّ في أعماق قلوبهم. وفقط بعد هذا الصراع الشديد وبعد قدر هائل من التفكير سيُعلَن إما الانتصار أو الهزيمة. لا أعرف فيما إذا كان علينا الضحك أم البكاء. عندما يمارس الناس الحقيقة ينشأ صراع عظيم خلف الكواليس لأن العديد من دوافع الناس خاطئة والكثير من عمل الله يتعارض مع مفاهيمهم. فبعد ممارسة هذه الحقيقة سيتوجّبُ على الناس ذرف دموع الحزن خلف الكواليس قبل أن يقرّروا أخيراً إرضاء الله. وبسبب هذا الصراع يتحمّل الناسُ الألمَ والتنقية، وما هذا إلا ألمٌ حقيقي. حينما يُشَنُّ الصراع ضدّك ستتمكن من إرضاء الله إذا كنت قادراً حقاً على الوقوف في صفّه. إن المعاناة في سياق ممارسة الحقيقة أمرٌ لا مفرّ منه، فإذا ما مارس الناس الحقيقة ووجدوا أنفسهم على حق، فلن يكونوا حينئذٍ بحاجة إلى أن يُكَمَّلوا من قبل الله، ولن يكون هناك صراعٌ أو ألم. على الناس أن يتعلموا التمرّد على الجسد بعمقٍ أكثر لأن الكثير مما في الناس غير مؤهل لاستخدام الله ولأن ميولهم شريرة. هذا ما يدعوه الله الألم الذي على الإنسان الخضوع له برفقته. عندما تواجهك الصعاب أسرِعْ وَصَلِّ لله: "يا الله! أنا أبتغي رضاك، أودّ أن أتحمّل المشقة الأخيرة لأرضي قلبك، وبغض النظر عن مدى الإخفاقات التي أواجهها، يجبُ عليّ مع ذلك إرضاؤك. حتى لو اضطررت إلى التخلي عن حياتي كلها، لا يزال عليَّ إرضاؤك!" هكذا عندما تصلي بهذه النية ستكون قادراً على الثبات في شهادتك. يعاني الناسُ ألماً شديداً في كل مرّة يمارسون فيها الحقيقةَ، وفي كل مرّة يخضعون للتنقية، وفي كل مرّة يُجرَّبون فيها، وفي كلّ مرّة يقوم عملُ الله فيهم. كل هذا يُعد اختباراً للناس، ولهذا يُشنُّ صراعٌ في كلٍّ منهم، وهذا هو الثمن الحقيقي الذي يدفعونه. إن قراءة كلمة الله والانشغال بها أكثر هو أمرٌ مكلفٌ حقاً. هذا ما يجب على الناس القيام به، هذا واجبهم، والمسؤولية التي عليهم إتمامها، ولكن على الناس أن ينحّوا جانباً كل ما يجب تنحيته. إذا لم تفعل هذا، وبغض النظر عن مدى معاناتك الخارجية وانشغالك، فسيكون كلُّ هذا عبثاً! أي أن التغييرات التي في داخلك وحدها هي التي يمكنها أن تحدّد فيما إذا كانت معاناتك الخارجية ذات قيمة. عندما تتغير طبيعتك الداخلية وقد مارست الحقيقة، حينها ستحظى كلُّ مشقتك الخارجية على استحسان الله. وإن لم يكن هناك أي تغيير في طبيعتك الداخلية وبغض النظر عن حجم المعاناة التي تتحمّلها أو مدى انشغالك في الخارج، لن تحظى باستحسان الله، فالمشقة التي لا يُقِرّها الله تكون قد ذهبت سُدىً. وهكذا فإن الذي يحدِّد إذا كان الثمن الذي دفعته يُحتَسَب أم لا، يعتمد على وجود التغيير من عدمه، وفيما إذا كنت قد مارست الحقيقة وتمرّدت ضدّ دوافعك ومفاهيمك الخاصة لترضي إرادة الله مدركاً معرفته ومخلصاً له. بغض النظر عن انشغالك بالله، إذا لم تتمرّد على دوافعك، وكنت تسعى فقط نحو الحماس والأعمال الخارجية، ولا تولي أبداً أي اهتمام لحياتك، فستكون معاناتك بلا جدوى. إذا كان لديك ما تقوله في موقف معين ولكنك لا تشعر بالصواب داخلياً وتشعر أن هذا الأمر لا يفيد إخوتك وأخواتك وقد يؤذيهم فلن تقوله، مفضلاً أن تتوجّع داخلياً، لأنه ليس بمقدور هذا الكلام إرضاءَ إرادة الله. حينها سيُشَنُّ صراع في داخلك، لكنك ستكون على استعداد أن تتألم وتتخلى عما تُحِب متحمّلاً المشقة إرضاءً لله. وعلى الرغم من أنك ستعاني الألم داخلياً لكنك لن تنصاعَ للجسد، وسترضي قلب الله وتتعزّى في الداخل. هذا ما يعنيه حقاً دفع الثمن، ذاك الثمن الذي يبتغيه الله. إذا تصرّفت بهذه الطريقة فسيباركك الله بالتأكيد، وإذا لم تتمكن من تحقيق ذلك، بغض النظر عن مدى فهمك أو فصاحتك في الكلام، فستكون كل هذه الأمور بلا جدوى! إذا كنت في سعيك لمحبة الله قادراً على الوقوف في صفٍّ الله عندما يَشنُّ اللهُ الصراعَ ضد الشيطان ولا تلتفت عائداً إلى الشيطان، فستكون عندها قد تمّمتَ محبة الله وثبتَّ في شهادتك.

إن عمل الله الذي يقوم به في الناس يبدو ظاهريًا في كل مرحلة من مراحله كأنه تفاعلات متبادلة بينهم أو وليد ترتيبات بشرية ونتيجة تدخل بشري. لكن ما يحدث خلف الكواليس هو رهان وضعه الشيطان أمام الله، ويتطلب من الناس الثبات في شهادتهم لله. خذ على سبيل المثال عندما جُرِّبَ أيوب: خلف الكواليس كان الشيطان هو مَنْ يراهن الله، وما حدث لأيوب كان أعمال البشر وتدخلاتهم. إن رهان الشيطان مع الله يسبق كل خطوة يأخذها الله فيكم، فخلف كل هذه الأمور صراعٌ. فعلى سبيل المثال، إذا كنت متحاملاً على إخوتك وأخواتك فستفكّر بكلام تريد قوله، وقد تشعر أنه كلامٌ لا يرضي الله، وسيصعب عليك الأمر في الداخل، وفي هذه اللحظة سيقومُ صراعٌ في داخلك: هل أتحدث أم لا؟ هذا هو الصراع. هكذا، هناك صراع في كل شيء. وعندما يقوم صراع فيك سيعمل فيك الله بفضل تعاونك الفعلي ومعاناتك الحقيقية. وبالنتيجة ستُنَحِّي ما في داخلكَ جانباً ويَخمُدُ الغضبُ بشكل طبيعي. هذه هي نتيجة تعاونك مع الله. كل ما تفعله يتطلب منك دفعَ ثمنٍ مُعيّنٍ من مجهودك. لا يمكنك إرضاء الله بدون مشقة فعلية، فحتى المشقة نفسها بالكاد ترضي الله، وأنت تردّد شعارات فارغة فحسب! هل يمكن لهذه الشعارات الفارغة أن ترضي الله؟ عندما يتصارع الله والشيطان في العالم الروحي، كيف عليك إرضاء الله والثبات في شهادتك؟ يجب عليك أن تعرف أن كل ما يحدث لك هو تجربة عظيمة، وأن تعرف الوقت الذي يريدك الله فيه أن تشهد له. ظاهريًا قد لا يبدو هذا بالأمرِ الجَلَل، ولكن عندما تحدث هذه الأشياء فإنها تُظهِرُ ما إذا كنتَ تُحبُّ اللهَ أم لا. فإذا ما كنت تحبّه فستستطيع أن تثبت في شهادتك، وإذا لم تكن قد مارست محبته فهذا يدلّ على أنك لست شخصاً يمارس الحقيقة، وأنك تفتقد للحقيقة والحياة، وأنك قشٌّ! كل ما يحدث للناس يحدثُ لهم عندما يريدهم الله أن يثبتوا في شهادتهم له. لم يحدث لك أمرٌ جلل في هذه اللحظة ولم تقدم شهادة عظيمة، ولكن كل تفاصيل حياتك اليومية تتعلق بالشهادة لله. إذا تمكنت من الفوز بإعجاب إخوتك وأخواتك وأفراد عائلتك وكل من حولك، وجاء غير المؤمنين يوماً ما وأعجبوا بكل ما تفعله واكتشفوا أن كل ما يفعله الله رائع، فحينها تكون قد قدمت شهادتك. على الرغم من أنك لا تتحلى بالبصيرة وأن مقدرتك ضعيفة، ستقدر من خلال تكميل الله لك على إرضائه وتمييز إرادته. وسيرى الآخرون عظيم عمل الله في أناس لا يملكون من القدرات إلا أضعفها، ويتعرّف الناس على الله فينتصروا على الشيطان ويصبحوا أوفياء لله إلى حدٍّ ما. لذلك لن يمتلك أحدٌ شجاعةً أكثر من هذه المجموعة من الناس، وهذه ستكون أعظم شهادة. بالرغم من أنك غير قادر على القيام بعمل عظيم، إلا أنك قادرٌ على إرضاء الله. لا يستطيع الآخرون تنحية مفاهيمهم جانباً، لكنك تستطيع. لا يستطيع الآخرون تقديم شهادة لله وقت خبراتهم الفعلية، ولكن يمكنك استخدامقامتك الفعلية وأعمالك لتوفي الله محبّته، وتقدم شاهدة مدويّة عنه. هذا فقط ما يمكن اعتباره محبة حقيقة لله. وإذا كنت غير قادر على فعل ذلك فإنك لا تقوم بالشهادة لأفراد عائلتك وإخوتك وأخواتك أو أمام الناس في العالم. إذا لم تكن قادراً على الشهادة أمام الشيطان، فسيضحك عليك الشيطان، ويعاملك على أنك أضحوكة وألعوبة. سيجعلك تبدو أحمقاً ويقودك إلى الجنون. قد تمر بك تجارب عظيمة في المستقبل، لكن إذا كنت اليوم تحب الله بقلب صادق وإذا كنت - بغض النظر عن حجم التجارب المستقبلية وما يحدث لك - قادراً على الثبات في شهادتك وعلى إرضاء الله، فسوف يتعزّى قلبك، ولن تخف مهما كانت التجارب التي ستواجهها في المستقبل. لا يمكنكم رؤية ما سيحدث مستقبلاً، يمكنكم فقط إرضاء الله في ظروف اليوم. لا تستطيعون القيام بعمل عظيم، وعليكم أن تركّزوا على إرضاء الله من خلال اختباركم لكلمته في الحياة الفعلية وتقديم شهادة قوية ومدوّية تجلب الخزي للشيطان. وعلى الرغم من أن جسدك سيبقى غير راضٍ وسيكون قد اختبر الألم، إلا أنك ستكون قد أرضيت الله وجلبت الخزي للشيطان. إذا كنت تتصرّفُ بهذه الطريقة دائماً، فسيفتح لك الله طريقاً أمامك. عندما تمر يوماً ما بتجربة عظيمة سيسقط الآخرون، بينما ستكون أنت قادراً على الثبات: وبسبب الثمن الذي دفعته، سيقوم الله بحمايتك لتثبت ولا تسقط. إذا كنت عادةً قادراً على ممارسة الحقيقة وإرضاء الله بقلب يحبه حقاً، فعندئذٍ سيحميك الله خلال التجارب المستقبلية بالتأكيد. على الرغم من أنك أحمق ووضيع القامة وضعيف المقدرة، إلا أن الله لن يتحامل عليك. وهذا يعتمد على ما إذا كانت دوافعك سليمة. أنت اليوم قادر على إرضاء الله، فأنت ترضيه في كل شيء بالتنبّه لأدق التفاصيل، وتتمتّع بقلب يحب الله فعلاً، وتهب قلبك الصادق له، وعلى الرغم من وجود بعض الأمور التي لا تفهمها، يمكنك القدوم أمام الله لتُقوِّمَ دوافعك الخاصة، ولتطلب مشيئته، ولتقوم بكل ما يلزم لإرضائه. ربما سيتخلى عنك إخوتك وأخواتك، لكن قلبك سيرضي الله، ولن تشتهي ملذات الجسد. إذا ما تصرّفت بهذه الطريقة دائماً فستكون محمياً عندما تمر بتجارب عظيمة.

ما الحالة الداخلية في الناس التي تستهدفها هذه التجارب؟ إنها تستهدف الطبيعة المتمرّدة في الناس غير القادرة على إرضاء الله. هناك الكثير من الأمور الفاسدة في الناس، والكثير من النفاق، ولهذا يخضعهم الله للتجارب لكي يطهّرهم. ولكن إذا تمكنت اليوم من إرضائه، فستكون التجارب المستقبلية لتكميلك، وإذا لم تتمكن من إرضائه اليوم، فستغريك التجارب المستقبلية، وستسقط دون قصد، ولن يكن بمقدورك حينها مساعدة نفسك لأنك لا تستطيع مواكبة عمل الله ولا تتمتّع بالقامة الحقيقية. ولهذا إذا أردت أن تكون قادراً على الثبات في المستقبل وإرضاء الله على نحو أفضل، واتباعه حتى النهاية، فعليك أن تبني اليوم أساساً متيناً. يجب أن ترضي الله بممارسة الحقيقة في كل شيء وأن تكون مميّزاً لمشيئته. إذا تصرّفت بهذه الطريقة دائماً، فسيكون هناك أساسٌ في داخلك، وسيُلهِمُ اللهُ قلبك ليحبّه ويمنحك الإيمان. عندما تمر بالفعل بتجربة يوماً ما قد تعاني من بعض الألم، وتشعر بالظلم إلى حدٍّ معين، وتعاني من حزن قاتل كما لو كنت قد مُتَّ، لكن محبتك لله لن تتغيّر وستزيدُ أكثر. هكذا هي بركات الله. إذا كنت قادراً على قبول كل ما يقوله الله ويفعله اليوم بقلب راضٍ، حينها ستكون حقاً مباركاً من الله، وهكذا تكون شخصاً مباركاً من الله ومتلقياً وعوده. وإذا كنت لا تتصرّف كذلك اليوم، فعندما تمر بالتجارب يوماً ما ستكون بلا إيمانٍ وبدون قلبٍ مُحِبٍّ، حينها ستصبح التجربة غوايةً، وستنغمس وسط إغراءات الشيطان دون أن يكون لديك وسيلة للهرب. قد تكون قادراً اليوم على الثبات حينما تمر بتجربة صغيرة، ولكنك لن تستطيع الثبات بالضرورة عندما تمر يوماً ما بتجربة كبيرة. قد أصاب الغرورُ بعضَ الناس إذ يعتقدون أنهم بالفعل قريبون من الكمال. إذا كنت لا تتعمّق في مثل هذه الأوقات وتبقى راضياً عن نفسك، فستكون في خطر. لا يقوم الله اليوم بعمل تجارب أكبر، يبدو كل شيء في الظاهر على ما يرام، ولكن عندما يختبرك الله ستكتشف أنك تفتقرُ للكثير، لأن قامتك وضيعٌة جداً وأنت غير قادر على تحمل تجارب عظيمة. إذا كنت اليوم لا تمضي قدماً وتبقى في المكان نفسه، فسوف تسقط عندما تهب الريح العظيمة. عليكم أن تنظروا إلى وضاعة قامتكم، بهذه الطريقة فقط ستحرزون تقدماً. إذا كنت خلال التجارب فقط ترى وضاعة قامتك، وأن إرادتك ضعيفة جداً، والقليل مما في داخلك حقيقيٌ، وأنك غير مؤهّل لمشيئة الله، وإذا كنت تدرك هذه الأشياء فقط، فحينها سيكون قد فات الأوان.

إذا كنت لا تعرف تدبير الله فسوف تسقط حتماً أثناء التجارب، لأنك لا تدرك كيف يُكَمِّلُ اللهُ الناسَ، وبأية وسيلة يجعلهم كاملين. وعندما تمرُّ بتجارب الله ولا تكونُ وفقاً لمفاهيمك، لن تستطيع الثبات. إن محبة الله الحقيقية هي تدبيره الكامل، وعندما يُظهَرُ لك تدبيرُ الله الكامل ماذا سيجلب هذا لجسدك؟ عندما يُظهَرُ لك تدبير الله الصالح حتماً سيتألم جسدُك كثيراً. وإذا لم تعاني من هذا الألم فلا يمكن أن تكون كاملاً عند الله، ولا يمكن أن تكرِّس له حباً حقيقياً. إذا جعلك الله كاملاً فسوف يُظهِرُ لك تدبيره بشكل كامل. منذ خَلقِ العالم حتى اليوم لم يُظهِر الله تدبيره كاملاً، ولكن خلال الأيام الأخيرة سيظهره لهذه الفئة من الناس التي اختارها مسبقاً، وبجعل الناس كاملين يكشف الله عن تدبيره الذي من خلاله يُكمِّلُ فئة من الناس. هذه هي محبة الله الحقيقية للناس، ولكي يختبر الناسُ محبةَ الله الحقيقية عليهم أن يتحمّلوا الألم الشديد وأن يدفعوا ثمناً باهظاً. فقط بعد هذا سيكسِبُهم الله ويكونوا قادرين على إعطائه محبتهم الحقيقية، وحينها فقط سيرضى عليهم قلبُ الله، فإذا رغب الناس في أن يُكَمَّلوا من الله، وإذا كانوا راغبين في تنفيذ إرادته وإعطاء محبتهم الحقيقية لله بشكل كامل، فعليهم أن يمروا بالكثير من المعاناة وأنواع العذاب من الظروف، ويعانوا من ألمٍ أسوأ من الموت، وفي نهاية المطاف يضطرّون إلى إعادة قلبهم الصادق لله. وسيظهر إذا كان الشخص يحب الله حقاً أم لا خلال المعاناة والتنقية. يُطَهِّرُ اللهُ محبّةَ الناس، وهذا أيضاً يتحقق فقط وسط المعاناة والتنقية.
من "الكلمة يظهر في الجسد"

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق